فيتنام تلغي الإعدام في 8 جرائم.. وسيدة أعمال أبرز المستفيدين

فيتنام تلغي الإعدام في 8 جرائم.. وسيدة أعمال أبرز المستفيدين
الإعدام - أرشيف

ألغت السلطات الفيتنامية رسمياً عقوبة الإعدام في ثماني جرائم رئيسية، في خطوة وصفت بأنها إصلاح قضائي نادر في البلاد الشيوعية، من شأنه إنقاذ حياة سيدة الأعمال الشهيرة ترونج مي لان، المدانة في أكبر قضية فساد مالي في تاريخ فيتنام الحديث.

وافق البرلمان الفيتنامي، أمس الأربعاء، على سلسلة من التعديلات القانونية التي تشمل إلغاء حكم الإعدام في جرائم أبرزها، محاولة الإطاحة بالحكومة، الإضرار بالبنية التحتية الحكومية، التجسس، بدء الحروب، اختلاس الأموال العامة، تلقي الرشى، صناعة وبيع الأدوية المقلدة، وتجارة المخدرات، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، اليوم الخميس.

وأعلنت وسائل إعلام حكومية أن هذه التعديلات ستدخل حيز التنفيذ في الأول من يوليو المقبل، ما يعني أن من حُكم عليهم سابقًا بالإعدام في تلك القضايا، ولم يُنفذ بحقهم الحكم، سيكونون مؤهلين لتخفيف العقوبة إلى السجن المؤبد، بعد مراجعة من المحكمة العليا في البلاد.

من الإعدام إلى المؤبد؟

استفادت مباشرة من هذا التعديل ترونج مي لان، سيدة أعمال تبلغ من العمر 67 عاماً، ورئيسة مجموعة "فان تينه فات" العقارية، والتي كانت قد أُدينت في أبريل الماضي بالاستيلاء على 12.5 مليار دولار أميركي – أي ما يعادل 3% من الناتج المحلي الإجمالي لفيتنام في عام 2022.

وأكّد محاميها فان مينه هوانج، اليوم الخميس، في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس، أن موكلته باتت "مؤهلة للإعفاء من حكم الإعدام"، مضيفًا أن فريق الدفاع "ينتظر حالياً التعليمات الرسمية من الجهات القضائية العليا لتفعيل هذا التعديل القانوني".

وهزّت قضية ترونج مي لان الرأي العام الفيتنامي، باعتبارها أكبر ملف فساد مالي يُكشف عنه في البلاد، في سياق حملة متواصلة أطلقها الحزب الشيوعي الحاكم منذ سنوات ضد الفساد داخل أجهزة الدولة والشركات العملاقة.

واتُّهمت لان باختلاس مبالغ ضخمة عبر معاملات مصرفية غير قانونية، خصوصاً عبر بنك "سايغون كوميشيال"، الذي وُصف بأنه كان بمثابة "الصندوق الأسود" لأنشطتها غير القانونية. وقد صدر ضدها حكم بالإعدام في أبريل 2024 بعد إدانتها بـالاختلاس، وغسل الأموال، وإساءة استغلال السلطة.

وأثارت القضية مخاوف المستثمرين المحليين والأجانب، في وقت كانت تسعى فيه فيتنام إلى جذب مزيد من الاستثمارات الدولية وسط تحولات سريعة في الاقتصاد العالمي وسلاسل التوريد.

الجانب القانوني والإصلاحات الجنائية

احتفظت فيتنام بعقوبة الإعدام في قانونها الجنائي لفترة طويلة، ولا تزال تُدرجها في أكثر من 20 جريمة، معظمها متعلّق بالأمن القومي وتهريب المخدرات والفساد المالي، لكن السنوات الأخيرة شهدت نقاشاً داخلياً متزايداً بشأن مدى توافق تلك العقوبة مع التزامات البلاد الحقوقية الدولية.

ورأى محللون أن هذا الإجراء الإصلاحي الأخير يمثل تحولاً تدريجياً نحو إعادة تقييم العقوبات القاسية، خصوصاً في القضايا التي تتعلق بالأموال العامة، وسط مساعٍ لطمأنة الرأي العام إلى جدية مكافحة الفساد دون اللجوء إلى أحكام الإعدام المثيرة للجدل.

رسائل سياسية وإنسانية

أثار قرار إلغاء الإعدام في تلك الجرائم الثماني تساؤلات حول أبعاده السياسية، خاصة في ظل ارتفاع عدد القضايا المتعلقة بالفساد في السنوات الأخيرة، وتورط شخصيات بارزة في الدولة وأوساط الأعمال.

ورأى مراقبون أن الخطوة تمثّل رسالة مزدوجة: فمن جهة، تؤكد الدولة عزمها على محاربة الفساد عبر القضاء، ومن جهة أخرى، تحاول تقديم صورة أكثر إنسانية عن نظامها القضائي، في وقت تواجه فيه انتقادات من منظمات حقوق الإنسان بسبب معدل تنفيذ الإعدامات.

وعلى الرغم من إعفائها المحتمل من عقوبة الإعدام، لا تزال ترونج مي لان تواجه سنوات طويلة من السجن المؤبد، مع إمكانية مصادر واسعة لممتلكاتها، وفقاً لما ينص عليه القانون الفيتنامي.

وينتظر الرأي العام ما إذا كانت هذه الإصلاحات ستفتح الباب أمام مراجعة قضايا مشابهة، أو إذا ما كانت حالة لان استثناءً في إطار قضية ذات بعد سياسي واقتصادي كبير.

  •  


 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية